إشكالية تنظيم واستغلال الملك العمومي
الحضري
بالمراكز الحديثة النشأة
بلدية بومالن دادس نموذجا (إقليم تنغير)
الجزء الاول
أبوبكر صابري(1)
مصطفى أعفير(2)
عبد الغني كرطيط(1)
(1)
كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس
(2) الكلية متعددة التخصصات تازة
مقدمة
تستأثر قضايا استغلال الملك العمومي باهتمام متزايد من
قبل مدبري الشأن المحلي، والرأي العام المحلي على السواء، نظرا لأهمية وحساسية المجال
العمومي بالنسبة لعموم السكان، فهو يتعرض لاحتلال عشوائي متنوع الأشكال، منه ما
يرتبط بتوسع المحلات التجارية والمقاهي على حساب الأرصفة والساحات العمومية، ومنه
ما يندرج ضمن ممارسة التجارة غير المهيكلة من طرف الباعة المتجولين، الأمر الذي أفرز
اختلالات معقدة في تنظيم واستغلال الملك العمومي
الحضري، يختلف مداه ومظهره من مجال إلى آخر.
إن ظاهرة احتلال الملك العمومي ببلدية بومالن دادس (خريطة رقم:1) تُعد
حديثة وممركزة، وأن حجمها صغير بالمقارنة مع المدن المتوسطة أو الكبيرة، حيث تتخذ
هذه الظاهرة أبعادا اقتصادية واجتماعية وسياسية كبرى، تطرح تحديات كبرى على مختلف
مدبري الشأن المحلي.
إن التمادي في احتلال الملك العمومي بتراب بومالن دادس دون
أي تدخل لاحتوائه، ستنجم عنه مظاهر سلبية عديدة من بينها تدني جمالية المشهد العام
للمدينة وما قد ينشب عن هذا من تشويه صورتها السياحية خصوصا أن المشروع الترابي
للجماعة يرتكز على هذا القطاع الحساس، وحرمان ميزانية الجماعة من مداخيل مستحقة...
إضافة إلى الازدحام على الطرق وارتفاع عدد حوادث السير وغيرها... إنها مظاهر من
بين أخرى سيعمل هذا المقال على تشخيصها وتحليل العوامل المتسببة فيها، مع اقتراح
بعض الحلول لمعالجتها.
I-
مظاهر عشوائية في
استغلال الملك العمومي ببلدية بومالن
دادس
يتخذ استغلال الملك العمومي الحضري بمدينة بومالن دادس
عدة أوجه، فمنها الدائمة كتوسع المباني على حساب رصيف الشوارع أو الساحات
العمومية، ومنها ما يرتبط بالممارسات اليومية والمؤقتة لبعض مستعملي الفضاء
العمومي، كالتجار غير المتموقعين وغيرهم.
1- توطين الجماعة الحضرية بومالن دادس ضمن اطارها المحلي
والجهوي
تتوسط الجماعة الحضرية بومالن دادس الجماعات
الترابية التابعة لإقليم تنغير الحديث العهد (2008) المنتمي لجهة سوس ماسة درعة.
وقد خولت لجماعة بومالن دادس صفة مركز قروي سنة 1964 لترتقي إلى مستوى البلدية
بمقتضى المرسوم رقم 468-92-2 الصادر سنة 1992 والذي تم تغييره وتتميمه في نفس
السنة بالمرسوم المتعلق بتحديد قائمة الدوائر والقيادات والجماعات الحضرية
والقروية.
وتندرج
الجماعة طبيعيا ضمن منطقة اتصال بين السفوح الجنوبية للأطلس الكبير الأوسط، وجبال
صاغرو المنتمية للأطس الصغير، وبالتالي فتراب الجماعة ينقسم إلى ثلاث وحدات
تضاريسية كما هي مبينة في الجدول رقم (1)، الأولى تتمثل في هضبة "أنبد" التي تغطي داخل البلدية حوالي 40,4 كلم2
أي ما يقارب %53.1 من المساحة الإجمالية للجماعة، من حيث الارتفاعات فهي تتراوح بين 1400
و1700 متر، وميل الهضبة يبقى طفيفا لا يتجاوز حوالي خمس درجات في اتجاه عام من
الشمال إلى الجنوب، على ركيزة صخرية من التكوينات الرباعية (الرصيص والكلس)، نجد
فوقها أحيانا أسطحا من الرق (Reg) مكونة من:
حصاة، وحصى وطمي (خريطة جيولوجية: صاغرو دادس 200000/1)، وتُشرف هذه الهضبة على
وادي دادس عبر منحدر سفحي، ويشكل هذا الأخير وحدة تضارسية تشغل حوالي %36,7 من المساحة الإجمالية للجماعة، وبانحدار يصل إلى حوالي 16 درجة،
ويحتضن معظم ساكنة المنطقة (دواوير وأحياء). ثم منخفض دادس، وهو عبارة عن شريط شبه
منبسط يتوسطه مجرى واد دادس، وتظهر فيه أحيانا مدرجات رباعية، ويُستغل أساسا في
النشاط الفلاحي، وبالتالي فهو يشكل في الحقيقة شريط أخضر على طول مجرى واد دادس (الواحة).
جدول رقم 1: توزيع مساحة
بلدية بومالن دادس حسب الوحدات التضاريسة
النسبة من المساحة الإجمالية للجماعة (%)
|
المساحة المقدرة
|
خصائص عامة
|
نوع التضرس
|
53,1
|
40,4 km2
|
انبساط ، بنايات سكنية قليلة
|
هضبة
|
36,7
|
27,9 km2
|
إنحدار متوسط وقوي (كثافة سكنية مرتفعة، مركز المدينة)
|
سفح الوادي
|
10,2
|
7,7 km2
|
مجرى واد دادس، درجات نهرية، منطقة زراعية
|
الشريط الأخضر
|
100
|
76 km2
|
تباين مجالي واضح
|
مجموع المساحة
|
مصدر
المعطيات: DTPMB
التشخيص الترابي التشاركي لبلدية بومالن دادس 2010.
إداريا، يحد بلدية بومالن دادس من ناحية الشرق والشمال
والجنوب جماعة أيت يول، ومن ناحية الغرب تحدها جماعة سوق خميس دادس، كما تمر منها
الطريق الوطنية رقم 10 الرابطة بين ورزازات والراشدية، والطريق الجهوية رقم 704 المؤدية
إلى مسمرير. وتبلغ ساكنة بومالن دادس 11179 نسمة حسب إحصاء 2004، وتمتد على مساحة
تقدر ب76كلم²، وتعتمد هذه الجماعة على القطاع التجاري الذي يُعد من أهم مرتكزات الاقتصاد
المحلي، بالإضافة للنشاط الفلاحي والسياحي وتحويلات المهاجرين.
خريطة رقم 1: بومالن دادس في إطاره المحلي والجهوي.
2- توسع المباني على حساب الأرصفة
تتوفر بلدية بومالن دادس على تصميم
التهيئة أنجز سنة 1996 وصودق عليه سنة 1999، يحدد بشكل صريح مواقع وحجم الرصيف على
طول شارع محمد الخامس وشارع المرابطين وسط المدينة. "إلا أن الإشكالية
المطروحة على طول الشارعين، تتمثل في عدم احترام قوانين التعمير وجمالية التنظيم
المجالي، ووظائف الأحياء وغيرها من المبادئ المنطقية المطلوب تطبيقها في هذه
الحالات" (أقديم 2012)، بحيث إن المحلات التجارية توسُّعت على حساب الأرصفة كما
هو موضح في الخريطة رقم (2)، متجاوز بذلك عتبة الاستغلال المؤقت للملك العام، لأنها
شُيدت بالإسمنت المسلح متخذا طابع الديمومة، وما يزيد من حدة المشاكل التي طرحتها،
أنها تسببت في صعوبة المرور على مستوى الشارع الرئيسي الذي يعد مقطعا من الطريق الوطنية
رقم 10. فهي الطريق التي تؤمن الربط في الآن نفسه بين مدينتي ورزازات والراشيدية،
وبين ضفتي واد دادس داخل المدينة، ونظرا لضيق المكان وعدم استيعابه لحجم الضغط
تنامت بشكل كبير خاصة خلال العُشرية الأخيرة مظاهر عشوائية واختلالات عمرانية
جوهرية بدأت نتائجها السلبية تنعكس على حركية السير والسلامة وجمالية المدينة
وتنظيمها.
خريطة رقم
2: أماكن توسع المحلات التجارية على حساب الرصيف ببلدية بومالن دادس
للإشارة فالأرصفة على الخريطة مأخوذة
من تصميم التهيئة لبلدية بومالن دادس لسنة 1999، لغرض مقارنتها بالوضعية الحالية
التي اختفت فيها هذه الأرصفة على طول شارع محمد الخامس و شارع المرابطين.
3 - التجارة ببومالن دادس قطاع غير
مهيكل تسوده العشوائية
تعتبر التجارة قطاعا أساسيا في اقتصاد
المدينة، ويشكل السوق الأسبوعي ومجموعة من الدكاكين و"الفراشة" وتجارة
الخدمات وغيرها أهم مكوناتها (جدول رقم 2)، ويرتبط بهذا القطاع عدد كبير من ساكنة
الجماعة الحضرية، التي تزايدت بشكل ملحوظ خلال العقدين الأخيرين، إذ ارتفع حجمها من
9.908 نسمة سنة 1994 إلى 11.179 سنة 2004، ثم إلى أكثر من 15.000 نسمة حاليا حسب
التوقعات، بالإضافة إلى سكان الجماعات القروية المجاورة، الذين يرتبطون بشكل يومي
بمركز بومالن دادس.
والملاحظ أن حجم التجارة غير المموقعة
أصبح يتنامى بشكل كبير في إطار حيز مكاني ضيق، يتمثل في مركز المدينة كما هو مبين
في الخريطة رقم (2)، وتستفحل الظاهرة أكثر في ما يسمى بمواسم الذروة، التي تعرف
توافد مهاجري المنطقة لقضاء عطلة الصيف والأعياد وشهر رمضان، مما يخلق رواجا
تجاريا يحفز على قدوم باعة متجولين جدد من مناطق أخرى من المغرب، ومن المهاجرين الأفارقة
الذين يعرضون الى جانب الفراشة المغاربة، مواد مختلفة يستقدمونها من بلدانهم.
وهكذا بدأت المدينة تشهد سلوكات مجالية
تمس بجماليتها وتفقد خزينتها أموالا مهمة، جراء عدم تأدية الضرائب، وجراء الكلفة
الإضافية الناتجة عن عملية جمع مخلفات هؤلاء الفراشة، كما تتضرر مصالح فئة أخرى من
التجار ذوي المحلات التجارية في عين المكان.
جدول رقم 2: طبيعة وحجم الأنشطة التجارية والخدماتية
بشارعي محمد الخامس والمرابطين.
نوع المحل
|
بشارع محمد الخامس
|
بشارع المرابطين
|
مواد غدائية
|
12
|
5
|
ملابس
|
2
|
5
|
صيدلية
|
2
|
2
|
مواد التجميل
|
4
|
3
|
تجهيزات منزلية
|
2
|
2
|
مخبزة
|
4
|
0
|
مواد البناء
|
5
|
8
|
جزار
|
11
|
1
|
مقهى
|
14
|
2
|
فندق
|
3
|
1
|
مواد اليكترونية/ مصور
|
13
|
8
|
مكتبة
|
1
|
0
|
حلاق
|
3
|
4
|
بنك
|
3
|
0
|
تحويل الاموال
|
2
|
0
|
اجزاء السيارات
|
2
|
4
|
طبيب
|
2
|
2
|
مصبنة
|
0
|
2
|
حرف (الميكانيك، النجارة...)
|
14
|
19
|
أخر (عشاب، خضار،
وكالة الاسفار، استخلاص فاتورات الماءوالكهرباء،....)
|
10
|
5
|
المجموع
|
140
|
78
|
بحث ميداني مارس 2014
يتبع ....
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق